قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن
أو تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة بزهان والصبر ضياء
والقرآن حجة لك أوحجة عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" صدق رسول الله
الأوسمة : عدد المساهمات : 920 تاريخ التسجيل : 12/10/2010 العمر : 29 الموقع : https://rawda.alafdal.net العمل/الترفيه : الدراسة المزاج : أسعد فتاة على وجه الأرض
موضوع: الميكروسكوب النفقي الماسح الأحد 24 أبريل 2011 - 18:54
الميكروسكوب النفقي الماسح
عندما نتحدث عن الميكروسكوب فان اول ما نفكر به هو جهاز الميكروسكوب الذي نعرفه في مختبرات المدراس والذي يعمل بتكوين صورة ضوئية عن العينة المراد النظر لها بشكل مكبر، ومع تقدم العلم وتطوره اصبح بالإمكان ان نحصل على تكبير يفوق أي توقع. في بدايات القرن العشرين مع اكتشاف الفيزياء الحديثة والخاصية المزدوجة للإشعاع الكهرومغناطيسي والجسيمات المادية ونظرية ميكانيكا الكم التي تدرس الاجسام على المستوى الذري الدقيق اصبح بالإمكان تصميم ميكروسكوب يعمل على التكبير بدرجة عالية جدا تصل الى مئات الاف المرات وهي تعتمد على استخدام موجة الالكترون وقد تحدثنا عن الميكروسكوب الالكتروني الماسح SEM والميكروسكوب الالكتروني النافذ TEM وتوالت الاكتشافات ليظهر لنا في العام 1981 ميكروسكوب جديد من حيث فكرة عمله ومن حيث امكانياته وقدراته واستخداماته المتنوعة هذا الميكروسكوب يعرف باسم الميكروسكوب النفقي الماسح scanning tunneling microscope او STM.
يعتبر جهاز الميكروسكوب النفقي من الاجهزة الاساسية في علم النانوتكنولوجي والذي ساعد في دراسة المواد على المستوى الذري وفي بناء وفحص التراكيب النانوية. وتعتمد فكرة عمله على مبدأ النفق الكمي quantum tunneling. فعندما يقترب طرف المجس الموصل للكهرباء والذي يعرف باسم tip من السطح المراد فحصه يطبق فرق جهد بين السطح وطرف المجس tip يسمح بمرور الالكترونات من خلال نفق في الفراغ بينهما. تيار الالكترونات هذا تعرف باسم التيار النفقي tunneling current. يعتمد التيار النفقي على موضع المجس بالنسبة للسطح وعلى فرق الجهد المطبق وعلى الكثافة الموضعية للعينة.
في هذا المقال من كيف تعمل الاشياء سوف نقوم بشرح فكرة عمل جهاز الميكروسكوب النفقي STM وانماط تشغيله كما سوف نتعرف على الاجهزة التي تعمل على نفس فكرة عمله.
الميكروسكوب النفقي الماسح والذي اسمه العلمي scanning tunneling microscope والذي يعرف بالاختصار STM هو اداة قوية للحصول على صور لأسطح المواد على المستوى الذري. تم اختراع هذا الجهاز في العام 1981 على يدي العالمين Gerd Binnig و Heinrich Rohrerفي شركة IBM. وحصلا على جائزة نوبل في عام 1986 لاختراعهما هذا الجهاز الذي سمح لأول مرة برؤية الذرة وفي الابعاد الثلاثة. يتمتع جهاز STM بقدرة تحليلية عالية تصل إلى 0.1nm وعمق يصل الى 0.01nm. وبهذه القدرة التحليلية العالية يمكن ان نحصل على صور للذرات داخل المواد هذا بالإضافة الى التحكم في الذرات وتحريكها.
المعلومات التي نحصل عليها من جهاز STM هي مراقبة التغير في التيار النفقي عند مسح سطح العينة بالمجس وتعرض البيانات في شكل صورة. يتطلب تشغيل جهاز STM درجة عالية من النظافة والاستقرار للسطح ولهذا يتم تشغيل الميكروسكوب في مفرغة هواءvacuum chamber ويكون المجس حاد جدا بحيث يكون طرفه بسمك ذرة او ذرتين، ويتصل المجس بأجهزة تحكم دقيقة لتحريكه في الابعاد الثلاثة بالنسبة للعينة وتستخدم ايضا الكترونيات متطورة لرصد التيار وترجمة التغيرات فيه الى صورة.
العالم Heinrich Rohrer على اليسار والعالم Gerd Binnig على اليمين في مختبرات شركة IBM توضح اول جهاز STM تم تصميمه في العام 1981 وحصلا على جائزة نوبل لهذا الاختراع في 1986. الجهاز الذي مكن العلماء لاول مرة من رؤية الذرات في المادة والتحكم فيها ليكون جهاز بناء التراكيب النانوية وفحصها.
تركيب الجهاز يشمل تركيب جهاز STM على المجس الماسح tip وماسح يعمل بالكهرباء الانضغاطية piezoelectric للتحكم في الارتفاع وفي الابعاد السطحية x و y، وجهاز التحكم في المسافة بين مجس المسح وسطح العينة، ونظام العزل من الاهتزازات، وكمبيوتر.
تعتمد القدرة التحليلية لجهاز STM على نصف قطر تحدب المجس الماسح tip. ويلعب المجس الماسح دورا اساسيا في الحصول على صورة نقية وتبلغ دقة المجس الماسح درجة متقدمة وذلك حين تحتوي نهايته على ذرة واحدة فقط. فاذا كانت بسمك ذرتين فقد نحصل على صورتين معا مما يشكل زيغ في الصورة المتكونة ولضمان الحصول على ذرة في نهاية المجس فقد استخدمت لهذا الغرض انابيب الكربون النانوية للحصول على مجسات ماسحة لعمل الجهاز.
يصنع المجس الماسح من مادة التنجستين او من البلاتينيوم والاريديوم او الذهب. تستخدم طريقة النحت الكهروكيميائيelectrochemical etching في حالة مجسات التنجستين بينما تستخدم طرق ميكانيكية في حالة المجسات المصنوعة من البلاتينيوم والاريديوم.
ونظرا لحساسية التيار النفقي البالغة للتغير في الارتفاع، يجب عزل المجس عن الاهتزازات او تثبيت الجهاز على قاعدة صلبة للحصول على نتائج مفيدة. في اول جهاز STM صمم بواسطة العالمين Binnig و Rohrer استخدمت رافعة مغناطيسية للحفاظ على الجهاز بعيدا عن أي اهتزازات، والان تستخدم زنبركات ميكانيكية او زنبركات غازية. كما يتم ايضا استخدام وسائل للتقليل من التيارات الدوامية eddy currents.
للحفاظ على موضع المجس بالنسبة للعينة والتحكم في عملية مسح سطح العينة بالمجس والحصول على البيانات يتم استخدام كمبيوتر. كما ان الكمبيوتر يستخدم لتحسين الصورة باستخدام برامج معالجة الصورة والقيام بالقياسات الكمية على العينة.
كيف يعمل جهاز STM في البداية يطبق فرق جهد على المجس الماسح ليتحرك عموديا في اتجاه سطح العينة وعندما يصبح على بعد مسافة صغيرة جدا من سطح العينة يتوقف المجس. تبدأ بعد ذلك مرحلة التحكم الدقيق في حركة المجس في الابعاد الثلاثة بالقرب من العينة ويستخدم بيزوالكترك للحفاظ على المسافة ثابته بين المجس والعينة في حدود 4 الى 7 انجستروم. في هذه الحالة يعمل فرق الجهد على دفع الالكترونات للتحرك النفقي بين رأس المجس tip والعينة، مما ينتج عنه تيار نفقي يمكن قياسه. عندما يبدأ التيار النفقي يمكن تغيرموضع رأس المجس بالنسبة لسطح العينة ويتم رصد التغيرات في التيار النفقي الناتج.
اذا تحرك رأس المجس عبر العينة في المستوى x-y، فان التغيرات في ارتفاع السطح وكثافته تحدث تغيرات في التيار النفقي. هذه التغيرات يتم رصدها ورسمها في شكل صورة. ويمكن ان تتم عملية رسم الصورة اما من خلال قياس التغيرات في التيار النفقي بالنسبة لسطح العينة عند ارتفاع ثابت بين رأس المجس والعينة او من خلال رصد التغير في الارتفاع z عند جعل التيار النفقي ثابت من خلال تغير ارتفاع رأس المجس بالنسبة لسطح العينة. وهذين النمطين من انماط التشغيل يعرف باسم نمط الارتفاع الثابت constant height modeأو نمط التيار النفقي الثابت . في نمط التيار الثابت تقوم اجهزة التغذية العكسية الالكترونية باعادة ضبط ارتفاع رأس المجس من خلال تعديل قيمة الجهد على البيزروالكتريك الذي يتحكم في الارتفاع. وهذا يؤدي الى الحصول على التغيرات في الارتفاع. الصورة التي نحصل عليها من رأس المجس هي صورة تضاريس سطح العينة وتعطي كثافة شحنة سطحية ثابتة وبالتالي فان التباين في الصورة يكون نتيجة للتغيرات في كثافة الشحنة.
في نمط الارتفاع الثابت يتم تثبيت كلا من فرق الجهد والارتفاع في حين يتم قياس التغيرات في التيار النفقي خلال مسح رأس المجس لسطح العينة، وهذا يؤدي الى الحصول على صورة للتغيرات في التيار النفقي على السطح، والتي ترتبط بكثافة الشحنة.
كل الصور التي يتم الحصول عليها بجهاز STM هي صورة بتدرجات رمادية وللحصول على صورة ملونة يتم استخدام برامج كمبيوتر لابراز الميزات المهمة المراد اظهارها في الصورة.
بالإضافة الى عملية المسح لسطح العينة فان المعلومات التي ترصد بواسطة الاجهزة الالكترونية تكون دالة في الموضع بالنسبة لسطح العينة وعند كل موضع على سطح العينة يتم تغير الجهد الكهربي ورصد التغير في التيار. وهذه القياسات تعرف باسم طيف المسح النفقي scanning tunneling spectroscopy وتعرف بالاختصار STS وينتج عنها مخططات توضح كثافة المستويات كدالة في الطاقة داخلالعينة. وتتميز تقنية STM عن اجهزة قياس كثافة المستويات في قدرتها على اخذ قياسات موضعية بشكل دقيق، فعلى سبيل المثال يمكن قياس كثافة المستويات في موضع يوجد فيه شوائب في العينة ومقارنتها مع موضع اخر لا يوجد فيه شوائب على نفس سطح العينة.
في العام 1989 كتب العالمين Eigler and Schweizer اسم شركة IBM بالذرات باستخدام 35 ذرة زينون على سطح النيكل
استخدامات اخرى لجهاز STM العديد من اجهزة الميكروسكوب تم تطويرها بالاعتماد على فكرة عمل جهاز الميكروسكوب النفقي STM. ومن هذه الاجهزة جهاز ميكروسكوب الماسح الفوتوني photon scanning microscopy والذي يعرف بالاختصار PSTM، ويستخدم مجس ضوئي tip ليشكل النفق الذي تنتقل عبره الفوتونات، وجهاز ميكروسكوب الجهد النفقي الماسح scanning tunneling potentiometry والذي يعرف بالاختصار STP، والذي يقوم بقياس الجهد الكهربي عبر العينة، وجهاز ميكروسكوب غزل الاستقطاب النفقي الماسح spin polarized scanning tunneling microscopy والذي يعرف بالاختصار SPSTM والذي يستخدم مجس فرومغناطيسي ليعمل كنفق للإلكترونيات المغزلية المستقطبة في المجال المغناطيسي للعينة، وجهاز ميكروسكوب القوة الذرية atomic force microscope والذي يعرف بالاختصار AFM والذي فيه يتم قياس القوة الناتجة عن التفاعل بين المجس وسطح العينة على المستوى الذري.
الطرق الاخرى من STM تقوم على فكرة التحكم في المجس ليحدث تغيرات في طبوغرافيا سطح العينة. وهذه الطرق جذبت العلماء لعدة اسباب وهي:
اولا يمتلك جهاز STM على نظام دقيق لتحديد الموضع على المستوى الذري مما يسمح بالتحكم في الذرات بشكل دقيق.
ثانياً بعد ان يتم تعديل سطح العينة باستخدام المجس الماسح يمكن اخذ صورة للسطح الجديد بنفس المجس الماسح بدون ان يتم تغير الجهاز.
وبهذا تمكن باحثون في شركة IBM من تطوير طريقة للتحكم في ذرات الزينون على سطح النيكل. وهذه الطريقة استخدمت لتطويق الالكترونات حول عدد من الذرات، والتي مكنت جهاز STM من استخدامه لمراقبة تذبذبات الالكترونات والتي تعرف باسم electron Friedel Oscillations على سطح المادة. كما يمكن استخدام تقنية STM كنفق لشعاع الكتروني موجه على عينة لعمل طباعة ذرية lithographyعلى سطح العينة. وهذه تعتبر تقنية متقدمة كثيرا عن تقنية الطباعة بالشعاع الالكتروني التقليدية. ومن التطبيقات العملية لجهاز STMاستخدامه في ترسيب ووضع الذرات مثل الذهب والفضة وغيرها على شكل مفضل مبرمج مسبقا لعمل الوصلات الكهربية للأجهزة النانوية او حتى لصناعة اجهزة نانوية بالكامل.
مؤخرا مجموعة من الباحثين تمكنوا من استخدام مجس STM للتحكم في اتجاه الروابط بين الجزئيات بشكل منفرد. هذا بالاعتماد على أن المقاومة الكهربية للجزئيات تعتمد على اتجاه الروابط وبالتالي تمكنوا من وضع الاسس اللازمة للحصول على مفاتيح كهربية switch من الجزئيات يمكن استخدامها في الكمبيوترات البيولوجية.
وفي نهاية هذا المقال أتمنى أن أكون قد قدمت شرحا مبسطا لفكرة عمل جهاز STM والذي يستخدمه الكثير من الباحثين في مختلف التخصصات وللعديد من الاغراض.